الكتاب : دليل مكتبة الأسرة المسلمة.
خطة وإشراف : د. عبد الحميد أحمد أبو سليمان.
الناشر : المعهد العالمي للفكر الإسلامي - فرجينيا - الولايات المتحدة الأمريكية.
نحن اليوم على موعد مع كتاب الكتب الذي حوى عرضاً وتعريفاً لأكثر من ثلاثمائة كتاب في مختلف فروع الثقافة الإسلامية والعامة، وقد استفاد منه معد البرنامج في عرض بعض الكتب في الأشهر الماضية.
ويمثل هذا الدليل خطوة عملية لتقديم الثقافة الفعالة الحيوية الصحيحة لأبناء الأمة وشبابها من أجل البناء القويم لمستقبل الأمة الإسلامية على صعيد مهم جداً هو القضية الفكرية والتربوية.
وهو حصيلة جهد جماعي شارك فيه عدد من الأساتذة ممن لهم باع في الفكر والثقافة وتجربة لا يستهان بها في مجال الدعوة الإسلامية.
وقد تم تقسيم أبواب الكتاب إلى اثنين وعشرين باباً، يغطي كل باب حقلاً من حقول المعرفة، ويقدم مجموعة من الكتب المناسبة لمختلف الأعمار، وقد تم التعريف بها تعريفاً وافياً يشمل استعراض الكتاب والهدف من تأليفه والمرحلة الزمنية من عمر القارئ التي يناسبها مع تقويم موجز له، وفي نهاية كل باب قائمة بأسماء عدد من الكتب لمن أراد المزيد في الباب ذاته.
كما تم تنظيم فهارس الدليل على عدة أنواع تسهيلاً على القارئ، وتحقيقاً لمستوى أعلى من الاستفادة شملت: الموضوعات والأبواب ، والمؤلفين، والمراحل والمستويات والاهتمامات، والترتيب العام لكتب الدليل، ودور النشر.
أما الأبواب فقد ضمت : القرآن الكريم: علومه وتفسيره، الحديث الشريف وعلومه، السيرة النبوية، والعقيدة، والفقه وأصوله، والدعوة، والتربية، والفكر الإسلامي المعاصر، والتراجم والسير، والحضارة، والتاريخ، وحاضر العالم الإسلامي وواقعه، والمرأة، والاقتصاد، والإعلام، ومقارنة الأديان، والحركات والمذاهب، والدراسات الأدبية واللغوية والنقدية، والشعر، والقصة، والمسرحية، والترويح.
وقد ظهرت الطبعة الثانية من الكتاب و شملت عرض كثير من الكتب الإسلامية المهمة التي ظهرت بعد الطبعة الأولى للكتاب، وهو شيء نادر في الكتب العربية التي غالباً ما تكون الطبعات اللاحقة مجرد تصوير للطبعة الأولى، فالكتاب عمل دوري موسوعي يصدر في طبعات متجددة متوالية.
وعن أهمية هذا العمل وشرح موضوعه يقول المؤلف وفقه الله : من أهم التحديات التي تواجه المسلم المعاصر، التحدي الثقافي، متمثلاً في تيارات فكرية مختلفة، وفلسفات متنوعة، ومذاهب متعددة، وآراء كثيرة متناثرة هنا وهناك في مئات الكتب تقذف بها المطابع وعشرات الصحف اليومية، والمجلات الأسبوعية والدوريات الفصلية. وهذه الأفكار كلها تقدّم للناس في كلام معسول يحاول صانعوه أن يكسبوه صفة الموضوعية والعملية وغيرها من الأوصاف التي تعطي الانطباع بأنه هو الحق من الكلام دون سواه.
ووسط هذه الدوامة الفكرية يتساءل المسلم ماذا يقرأ؟ ماذا يقرأ ليزداد معرفة بدينه، وليتحصن هو نفسه، ويحصن عائلته من غي هذه المذاهب البراقة الخادعة المتنازعة وليقوم بواجبه في المجتمع بالدعوة إلى الله على بصيرة، ويرشد الناس إلى الدين الحق، ويتبين الفكرة السليمة ويبلّغ الكلمة الطيبة الهادفة.
ونتيجة لشعورنا بهذه الحاجة الملحة تبلورت فكرة إيجاد " دليل لمكتبة الأسرة المسلمة" يساعدها على حسن انتقاء مصادر ثقافتها الإسلامية من بين آلاف الكتب التي تملأ رفوف المكتبات.
تقوم الفكرة على اختيار مجموعة من الكتب الموثوقة في شتى حقول المعرفة التي تحتاج إليها الأسرة المسلمة، تتوزع على فصول حسب موضوعاتها، بحيث تؤمن الكتب الحد الأدنى المشترك لتكوين ثقافة متكاملة، تمنح أفراد الأسرة المسلمة حصانة فكرية، وتزيد من خبرتهم ووعيهم، وتساعدهم على تطوير أنفسهم باستمرار.
وبذلك يصبح هذا الدليل مرشداً أميناً يساعد الآباء والأمهات في بيوتهم، والمدرسين في مدارسهم ومعاهدهم وشتى مؤسساتهم العلمية، والدعاة والمربين حيث يكونون، وجميع المهتمين بالوصول إلى احتياجاتهم في اختيار الكتاب المناسب للموقف الذي يواجهون. كما يؤصل فيهم ملكة النقد السليم، وتمييز الغث من السمين، وفق موازين ومعايير أساسية ومستقيمة.
وعلى هذا تحدد الغاية من هذا العمل في :
- إعطاء المعلومات الصحيحة والكافية بما يوفر للأسرة المسلمة إمكانية الحصول على مكتبة أسرية متكاملة لكل بيت.
- فتح الطريق أمام الهيئات والمؤسسات الإسلامية المختلفة لإصدار طبعات موحدة وبأسعار مناسبة لهذه المكتبة التي ينتظمها عمل الدليل.
والأمل - ولو بعد حين - أن تسد الحاجة في هذا المجال بإصدار طبعات موحدة شعبية جيدة تسهل مهمة اقتناء هذه الكتب.
ويأتي هذا العمل الجليل استجابة أساسية لحاجات لمسها المؤلف واقتنع بأهميتها وتتمثل في:
أولاً : ضعف ثقافة الفرد المسلم والناشئة المسلمة عامة بسبب قلة الكتب التي تتعامل من وجهة نظر إسلامية مع وجوه المعرفة والمهارات والمعلومات التي يحتاجها أعضاء الأسرة المسلمة، ولصعوبة الانتقاء، ولغياب الدليل والموجه السهل في هذه المهمة.
ثانياً : مواجهة الغزو الثقافي الذي غزا العقول والأسواق والمدارس بفكره وعلومه من خلال غايات ومنطلقات غير إسلامية ساعد عليها انغماس الكتاب الإسلامي المعاصر في قضايا الوعظ والتعميمات الإنشائية المعتمدة على المحسنات اللفظية والبلاغية وتكرار ماهو معلوم على نحو شاغل عما هو مهم اوأهم .
ثالثاً : تحقيق أكبر قدر ممكن من الوحدة الفكرية والعقدية بين أفراد الأمة باعتبار هذه الوحدة الثقافية أساساً متيناً للأمة وتعاونها ومواجهة الأخطار المشتركة التي تتعرض لها.
والأمل أن يتبلور هذا العمل في إحداث تغيير في إطار ثقافة الفرد المسلم انطلاقاً من المنزل نوعاً وكماً وأن يمد بذلك أجيالاً مثقفة قادرة ومن منطلق ومنظور إسلاميين حضاريين صحيحين.
ويرى المؤلف أن مثل هذا العمل هو خطوة عملية في سبيل البناء الصحيح وتغيير خارطة الموقع والقدرة الإسلامية في مواجهة الغزو الثقافي والفكري الذي تعرض له العالم الإسلامي ولا زال يتعرض له ؛ والذي كان أخطر على كيان الأمة الإسلامية ومستقبلها من الغزو الأجنبي العسكري والسياسي.
وما لم تتضح الرؤية وينمو الفكر وتنصلح منطلقات العلاقة الاجتماعية في كيان الأمة الإسلامية على أساس من ذاتيتها وغاياتها وقيمها وتاريخها ومواطن القوة والحركة فيها فإن الأمل في التحرر والقوة والعزة والقدرة ورفع المظالم عن كيان الأمة يصبح وهماً ؛ حيث تظل كل جهود المواجهة السياسية والعسكرية - والتي ما تزال تمثل لب الجهود الإسلامية منذ تعرضت الأمة للغزو - مجرد وسائل لاستنزاف طاقة الأمة وسبباً في مزيد من الضعف والتدهور والهزيمة والضياع.
إن الإيمان بالتنمية الفكرية والثقافية في ظل تصور عقدي وغاية إسلامية أصيلة صحيحة كان هو الدافع خلف اقتراح فكرة هذه الدراسة وهذه المكتبة الأسرية والتخطيط والعمل لها.
وإلى جانب ذلك فالطموح أن يعم هذا الدليل وينتشر في أرجاء العالم الإسلامي ويلقي القبول المأمول، وآنذاك فإنه سيكون بمثابة برنامج ثقافي يتلقى فيه المسلمون مشرقاً ومغرباً مفاهيم واحدة سليمة وواضحة تساعد في صياغة الشخصية الإسلامية المنشودة كما تكون خطوة على طريق تقارب المسلمين، وهو طريق طويل أولى خطواته تقليل فجوة اختلاف المفاهيم والأفكار بينهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق