الكتاب: صور من حياة الصحابة
المؤلف: د. عبد الرحمن رأفت الباشا
الناشر: دار الأدب الإسلامي للنشر والتوزيع _ القاهرة
تكاد دموع ألقارئ لهذا الكتاب أن تنهمر وهو يقرأ مقاطع من سير هذا الجيل القرآني الفريد المتخرج من مدرسة النبوة. وقد خطها المؤلف رحمه الله وهو الأديب الناقد بلغة راقية وأسلوب قصصي مشوق يتسم بالفصاحة والجزالة ويجمع المعاني الكثيرة في العبارات اليسيرة ، وهو يغرس المثل الإسلامية العليا في نفوس الناشئة والشباب من الجنسين ، وقراء ته مفيدة للقراء في أي مستوى ثقافي بعد ذلك.
فهو كتاب أدب وتاريخ وسير وتربية دينية إسلامية يعرض صوراً من حياة مجموعة من نجوم الهداية التي نشأت في أحضان المدرسة المحمدية؛ بأسلوب جمع بين البلاغة الأدبية، والحقيقة التاريخية... فيجد طالب الأسلوب الإنشائي في هذا الكتاب بغيته، وناشد الفن القصصي طلبته، والساعي إلى التأسي بالكرام ما يرضيه ويغنيه، والباحث عن الحقيقة التاريخية ما يفي بغرضه.
فهي مشاهد حية من حياة بعض الصحابة رضوان الله عليهم يحكي ما كانوا عليه من تفان في العقيدة وحب لله ورسوله، ورغبة جامحة في مناجزة أعداء الله وأعدائهم، ومحبة وتكاتف بينهم، وهو لا يتتبع سيرة الصحابي كاملة من ميلاده إلى وفاته بل يختار من حياة الصحابي المواقف التي تعبر عن الفكرة التي تجسدها شخصية هذا الصحابي – رضي الله عنه – ويكتفي بعرض لمحات تعطي انطباعاً معيناً ، وجميع هذه اللمحات والصور تقدم نماذج مثالية للسمو والبطولة والإخلاص الشديد والإيمان العميق، وهي صور واقعية ليس فيها مبالغة ولا غلو، تنتشر خلالها التوجيهات العقدية والحكم الرائعة التي نطق بها الصحابة أنفسهم، أو تلك التي رباهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حرص المؤلف على اختيار اللمحات المعبرة، والعبارات الموجزة والعرض المختصر، واستخدام أسلوب السرد القصصي غالباً ، وجمع بين الحقيقة التاريخية والبلاغة الأدبية فكان مشرق البيان، متين العبارة، يتوخى الألفاظ الفصيحة ، ويشرح في الهامش ما يمكن أن يستعصى منها على فتياننا وفتياتنا ويهتم بضبطها، ويضع علامات الوقف بدقة، ويوزع حديثه في فقرات متسلسلة ،ويثبت في خاتمة كل فصل قائمة بالمراجع لمن شاء أن يستزيد من أخبار الصحابي.
ومن الحقائق المؤكدة أن المرء في بداية سن الشباب يتطلع إلى نموذج يتخذه مثالا يقتدي به ، وفي هذه السلسلة نماذج بشرية واقعية عظيمة، تتمثل فيها القيم السامية النابعة من عقيدتنا، وفيها أيضا التوجيه الرائع والدروس النافعة في القصة والأدب، بل وفي القراءة السليمة والكتابة السليمة أيضا.
وقد أذيعت هذه الصور بصوت المؤلف الشجي _ رحمه الله _ من الإذاعة السعودية عدة مرات -وخاصة في شهر رمضان المبارك - وإن كان مابث في الإذاعة أكثر مما طبع ونشر، ولعل ورثة المؤلف جزاهم الله خيراً يضيفون هذه الزيادات إلى الطبعات اللاحقة إن شاء الله ، وقد ألمحوا إلى ذلك في مقدمة الطبعة الأخيرة للكتاب.
كما قررت وزارة التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية أجزاء عديدة من هذا الكتاب في مادة القراءة الإضافية بمدارسها للمرحلة المتوسطة لأكثر من عشرين عاماً، وهو جدير بأن يعود إلى مناهج التعليم مرة أخرى.
فالشكر موصول لكل من ساهم في دعوة هذا الجيل إلى الخير من التربويين والإعلاميين.
وأجود طبعات هذا الكتاب هي التي صدرت أخيراً عن دار الأدب الإسلامي للنشر والتوزيع بالقاهرة، وقد ضمت جميع الأجزاء السابقة في مجلد واحد وأضافت إليها صوراً جديدة وبلغ المجموع خمساً وستين (65) شخصية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق