الأربعاء، 2 يونيو 2010

دمعة في لغة الرآن

دمعة على لغة القرآن

ما إن تجلس مع جماعة من الذين يسمون أنفسهم بالمثقفين. حتى ترى عجباً! تجدهم قد لووا ألسنتهم وتحولوا إلى "خواجات" فلغتهم العربية قد خالطتها اللغة الإنجليزية.. استغفر الله! بل اللغة الإنجليزية عندهم يتخللها قليل من الألفاظ العربية، وهم في هذه الحالة يحسون بنشوة عظيمة وشعور بالزيادة كيف لا؟ وهم "يرطنون".

وهذا يدل على هزيمة نفسية عميقة داخل هؤلاء ومن آثارها هذا الواقع المؤلم الذي يعيشه المسلمون في كل مكان - فهل رأيت إنساناً عاقلاً يعتز بثقافة عدوه ولغته؟

ومن المضحك؛ أن من هذه الطائفة أناساً من أصحاب النزعة القومية العربية الجاهلية مما يؤكد أن دعوتهم هذه مزوّرة وأنهم سماسرة لغزو أجنبي وأدهى من هؤلاء مراهقون آخرون، لا يعرفون إلا كلمات إنجليزية تعد على الأصابع وهم مع ذلك يرددونها في كل مناسبة وغير مناسبة، ومنهم من أزعج الناس بصوت الأغاني الغربية الذي يتعالى من سيارته ؛ وكلا الفريقين برهان صادق على نظرية ابن خلدون في مقدمته المشهورة التي ذكر فيها أن الأمة المغلوبة تقلد الغالبة في ملبسها، ومأكلها، ومركبها، ولغتها، وسائر شؤونها. وجهل هؤلاء وأولئك أن عندهم لغة لو خدمها أهلها لصارت اللغة العالمية ليسرها وثرائها في آن واحد - وقد كانت لغة العالم لعدة قرون - ولكن الغزو الأجنبي وافق من المسلمين بعداً عن دينهم، فوقعت المأساة وصرت ترى من يحمل الشهادات العالية في مختلف التخصصات، ومع ذلك بضاعته في لغته مزجاة؛ فلا يستطيع أن يتكلم دقائق دون أن يلحن، أو أن يكتب مقالاً موجزاً سليماً من الصدمات والكسور اللغوية . وهناك كثير من الشبهات ترددها بعض الخفافيش التي تحاول حجب نور الشمس بجناحها الواهن الصغير حول قدر اللغة العربية على أن تكون لغة العلم والعالم.. وليس هذا المجال المحدود مكان الرد على هذه الشبهات والجواب عن أسئلة أخرى حول هذه القضية ولكن هذه إجابة مجملة وسريعة عن كل هذه الشبهات؛ وهي أنه كيف تتسع اللغة العربية لكتاب الله ألفاظاً وآيات على عظمته وإعجازه - والذي عجز أرباب البلاغة، وفحول اللغة قديماً وحديثاً عنالإتيان بمثل أقصر سورة منه - ثم يضيق عن آلاف من المصطلحات والألفاظ الحديثة، ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) الإسراء:88 ، وصدق شاعر العربية حافظ إبراهيم حين قال - في قصيدته الطويلة - على لسان اللغة العربية:

رموني بعقم في الشبـــــــــاب وليتني

عقمت فلم أجزع لقول عاتــــــــــــــي

وسعت كتاب الله لفظاً وغايـــــــــة

وما ضقت عن آي به وعظـــــــــــــات

فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة

وتنسيق أسماء لمخترعـــــــــــــــــــــات

أنا البحر في أحشائه الدر كامن

فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتـــــــــي

رسالة الجامعة :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق