إعدام صدام
حماقة أمريكية جديدة
كانت أمريكا تركل عملاءها بحذائها بعد انتهاء مدة صلاحيتهم، لكنها اليوم تشنق أحد أبرز من دعمتهم بالمال والسلاح لما يزيد عن عقدين من الزمن ؛ لا لأنه من القاتلين فهي شريكة له ومحرضة وممولة وممونة بالأجهزة الفتاكة المحرمة، ولكن لأنه انقلب عليها..... .
وهكذا حول الغباء الأمريكي الطاغية إلى شهيد يتعاطف معه مليار مسلم لأنه ذبح في عيد الأضحى، فهي رسالة إهانة لكل عربي و مسلم ؛ بل للأمة الإسلامية أن ثمن المسلم عند الغرب - أو عند الأمريكان على الأقل - مثل قيمة الخروف والنعجة، والنزعة الطائفية المتطرفة واضحة حتى في لحظات تنفيذ الإعدام .
كما تؤكد أمريكا كذلك أنها تتبع سياسة: فرق تسد في معظم الأقطار الإسلامية الساخنة مثل لبنان وفلسطين، وأن دعاواها في حفظ أمن العراق محض هراء، فهذا الحدث يصب البنزين على نار الفتنة المذهبية الشعوبية المشتعلة أصلاً في بلاد الرافدين رغم أن طوائفه ظلت تعيش في وئام وسلام حتى جاء هذا الاحتلال البشع ليحرك الأحقاد المزعومة المدفونة منذ قرون بطريقة فجة. والشر يعم ولو كانت الأكثرية – شيعة و سنة – من نوع عثمان العبيدي السني الذي غرق بعد إنقاذه لثمانية من الشيعة في حادث جسر الأئمة المأساوي.
ولم يؤيد إعدام صدام إلا أمريكا وإسرائيل و الموقف الرسمي لدولة عربية واحدة؛ وهذا يؤكد عقيدة الفجور في الخصومة التي لا يعيش بها إلا أسافل الناس فإن (المؤمن غِرٌّ كريم والكافر خِبٌّ لئيم ).
وهذا الكلام- بالطبع- ليس مديحاً لصدام وقد أفضى إلى ما قدم؛ ولكنه نقد لأمريكا والحكومة العراقية الحالية الطائفية الشعوبية وخصوم صدام الشامتين الذين سيؤدي تصرفهم معه إلى نتائج تحقق عكس ما أرادوا تماماً !
ومن الواضح أن سرعة التخلص من صدام استهدف القضاء على خطره الذي يشكله- حتى وهو في السجن- ولكن السرعة يجب ألاّ تتم على حساب العدل والإحسان، وهي كذلك رسالة لآخرين أننا قادرون عليكم وأنّا لن نرحم من عاديناه.
إن هذا الحكم صدر بعد محاكمة عراقية محلية صورية هزلية، وكان العدل أن تكون المحاكمة دولية، لكن ذلك سوف يدخل أمريكا في نفق قانوني مظلم.
ولا يكاد يوجد شيء جميل في هذه الصفحة السوداء إلا أنه قتل بالمشنقة نفسها التي كان يعدم فيها خصومه: بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين.
ثم إن فديو الهاتف الجوال للشنق أكد أن صورة واحدة أبلغ من ألف كلمة، وأن التقنية الحديثة تفضح وتعري حتى من اخترعوها وصنعوها ( فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ).
وهاهي الولايات المتحدة تعيد الآن الحماقة نفسها التي ارتكبتها في أفغانستان والعراق - في الصومال بقناع إثيوبي زيناوي - على طريقة النصر السريع الهمجي البشع الذي يتحول بالتدريج إلى ورطة عسكرية سياسية حضارية تكسب أمريكا المزيد من الكراهية عند الشعوب التي لا تجني من الاحتلال الأمريكي إلا ضياع الأمن والرعب والجوع والفوضى... .والتي تزيد من ظلامات أمريكا للعالم الأمر الذي يهدد حضارتها بالأفول؛ وقديماً قالوا: إن الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة؛ فالظلم سرطان الحضارات والدول ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة؛ إن أخذه أليم شديد).
على الهامش:
- لعل من نافلة القول: أن ما ذكر في المقال من الأديان والطوائف والأمم والدول، ليس المقصود به - بالطبع - نقد الجميع؛ ولكن ذم الذي أخطأ فقط من هؤلاء ومنهجنا: ( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) و ( لَيْسُوا سَوَاء...) .
- تشي كلمة ( إعدام ) بالفلسفة العدمية التي تعتنقها ثقافة العصر السائدة، و الموت لدى المسلم- بل كثير من غير المسلمين - ليس نهاية العالم بل هو بداية العالم الآخر... فلو استخدمت قتل أو مارادفها لكان أفضل؛ والعلم عند الله.
لم ينشر حسب اطلاعي
كتب المقال بتاريخ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق