الاثنين، 7 يونيو 2010

مناسك الحج والعمرة في الكتاب والسنة


الكتاب: مناسك الحج والعمرة في الكتاب والسنة وآثار السلف
وسرد ما ألحق الناس بها من البدع.
المؤلف: محمد ناصر الدين الألباني.
الناشر: مكتبة المعارف بالرياض.
هذا الكتاب هو تيسير وتقرب لكتاب سابق للمؤلف عنوانه " حجة النبي e كما رواها عنه جابر رضي الله عنه " وفيه زيادات كثيرة على الكتاب الأول، وقد صيغ الكتاب بأسلوب سلس على طريقة التقسيم والترقيم، فهو كتاب حديثي فقهي ميسر وموثق، مليء بالنقول والنقاشات العلمية المختصرة المفيدة، فهو كتيب أغنى عن كتب، كما يتبين في الكتاب يسر الشريعة الإسلامية ووضوحها.
واحتوى الكتاب على مباحث الحج والعمرة والزيارة حيث شمل ذلك:
نصائح بين يدي الحج، والإحرام، والمواقيت، والتلبية، والطواف، والسعي، والإهلال بالحج يوم التروية، والوقوف بعرفة، والإفاضة منها إلى مزدلفة، والرمي، والذبح والنحر، والبيات بمنى، وطواف الوداع.
ثم خصص المؤلف ملحقاً للتحذير من البدع والمخالفات التي ترتكب عند أداء هذه الشعائر المقدسة، وبدأ الملحق بمقدمة عن البدع وخطرها ثم بدع ما قبل الإحرام وبدع الإحرام والتلبية وبدع الطواف والسعي ثم بدع متنوعة وأخيراً بدع زيارة المدينة المنورة وبدع بيت المقدس.
وقد بدأ الكتاب بتوجيه للحاج أن يتقي ربه، ويحرص طاقته أن لا يقع فيما حرم الله عليه، لقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )، وقوله e : " من حج فلم يرفث، ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه" ، إن فعل ذلك كان حجه مبروراً، ورسول الله e يقول: " الحج المبرور ليس له جزاءً إلا الجنة" . فلابد من التحذير مما ابتلي به بعضهم لجهلهم أو ضلالهم وأعظم ذلك: الإشراك بالله تعالى، فقد رأينا كثيراً منهم يقعون في الشرك كالاستغاثة بغير الله، والاستعانة بالأموات من الأنبياء والصالحين، ودعائهم من دون الله، والحلف بهم تعظيماً لهم، فيبلطون بذلك حجهم، قال تعالى : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ).
وفي حديثه عن التلبية قال الألباني رحمه الله :
ويلبي بتلبية النبي e :
لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك". وكان لا يزيد عليها.
وكان من تلبيته e : " لبيك إله الحق ".
 والتزام تلبيته e أفضل، وإن كانت الزيادة عليها جائزة لإقرار النبي e الناس الذين كانوا يزيدون على تلبيته قولهم: " لبيك ذا المعارج، لبيك ذا الفواضل".
وكان ابن عمر يزيد فيها: " لبيك وسعديك، والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل.
ويؤمر الملبي بأن يرفع صوته بالتلبية، لقوله e :
" أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية، وقوله :
" أفضل الحج العج والثج " ولذلك كان أصحاب النبي e في حجته يصرخون بها صراخاً، وقال أبو حازم: كان أصحاب النبي e إذا أحرموا لم يبلغوا ( الروحاء ) حتى تبح أصواتهم وقوله e :
" كأني أنظر إلى موسى عليه السلام هابطاً من الثنية، وله جُؤار إلى الله تعالى بالتلبية".
- والنساء في التلبية كالرجال لعموم الحديثين السابقين فيرفعن أصواتهن ما لم يُخش الفتنة، ولأن عائشة كانت ترفع صوتها حتى يسمعها الرجال، فقال أبو عطية: سمعت عائشة تقول: إني لأعلم كيف كانت تلبية رسول الله e ، ثم سمعتها تلبي بعد ذلك: " لبيك اللهم لبيك … " إلخ.
وقال القاسم بن محمد : خرج معاوية ليلة النفر فسمع صوت تلبية، فقال: من هذا؟ قيل: عائشة أم المؤمنين اعتمرت من التنعيم. فذكر ذلك لعائشة فقال: لو سألني لأخبرته.
- ويلتزم التلبية، لأنها " من شعائر الحج " ، ولقولهe :
" ما من مُلبّ يلبي إلا لبى ما عن يمينه وعن شماله من شجر وحجر، حتى تنقطع الأرض من هنا وهنا - يعني - عن يمينه وشماله". وبخاصة كلما علا شرفاً، أو هبط وادياً، للحديث المتقدم قريباً: " كأني انظر إلى موسى عليه السلام هابطاً من الثنية، له جُؤار إلى الله تعالى بالتلبية". وف حديث آخر:
" كأني أنظر إليه إذا انحدر في الوادي يلبي ".
وله أن يخلطها بالتلبية والتهليل لقول ابن مسعود رضي الله عنه :
خرجت مع رسول الله e فما ترك التلبية حتى رمي جمرة العقبة، إلا أن يخلطها بتلبية أو تهليل.
فإذا بلغ الحرم المكي، ورأى بيوت مكة أمسك عن التلبية، ليتفرغ للاشتغال بغيرها.
وفي كلامه عن أحكام يوم عرفة قال المؤلف :
ثم ينطلق إلى عرفة فيقف عند الصخرات أسفل جبل الرحمة، إن تيسر له ذلك، وإلا فعرفة كلها موقف.
;ويقف مستقبلاً القبلة، رافعاً يديه يدعو ويلبي.
; ويكثر فيها من التهليل فإنه خير الدعاء يوم عرفة، لقوله e :
" أفضل ما قلت أنا والنبيون عشية عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير".
;وإن زاد في التلبية أحياناً " إنما الخير خير الآخرة " جاز.
; والسنة للواقف في عرفة ألا يصوم هذا اليوم.
; ولا يزال هكذا ذاكراً ملبياً داعياً بما شاء، راجياً من الله تعالى أن يجعله من عتقائه الذين يباهي بهم الملائكة كما في الحديث:
" ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟ ".
وفي حديث آخر :
" إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول: انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثاً غبراً " . ولا يزال هكذا حتى تغرب الشمس.
فإذا غربت الشمس أفاض من عرفات إلى المزدلفة وعليه السكينة والهدوء، لا يزاحم الناس بنفسه أو دابته أو سيارته، فإذا وجد خلوة أسرع.
أما في موضوع الذبح والنحر فيبيّن - رحمه الله - أن :
ووقت الذبح أربعة أيام العيد، يوم النحر - وهو يوم الحج الأكبر - وثلاثة أيام التشريق، لقوله e :
" كل أيام التشريق ذبح ".
وفي القسم الأخير من الكتاب يتحدث المؤلف عن البدع وخطرها فيوضح أن للعمل المقبول عند الله عز وجل شرطين الأول أن يكون خالصاً له سبحانه والآخر أن يكون صالحاً موافقاً للسنة غير مخالف لها، ويبين أن البدع المذكورة في الكتاب مصادرها الأحاديث الضعيفة والموضوعة، واجتهادات واستحسانات صدرت من بعض الفقهاء خاصة المتأخرين منهم لم يدل عليها دليل شرعي، بالإضافة إلى عادات وخرافات لا يدل عليها الشرع ولا يشهد لها عقل وإن عمل بها بعض الجهال واتخذوها طريقة .
ويؤكد أن هذه البدع تتفاوت في خطورتها فبعضها شرك وكفر صريح،و أكثرها دون ذلك ويصدق عليها قول رسول الله e ( كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ).
ومن أبرز البدع التي حذر منها المؤلف رحمه الله :
التمسح بحيطان الكعبة والمقام، ما استفاض على ألسنة العوام أن وقفة عرفة يوم الجمعة تعدل اثنتين وسبعين حجة ! ، ترك المبادرة إلى صلاة المغرب فور النزول في المزدلفة، والانشغال عن ذلك بلقط الحصى والاعتقاد بأن ذلك مشروع وهذا غلط لا أصل له، والنبي e لم يأمران يلتقط له الحصى إلا بعد الانصراف من المشعر الحرام إلى منى ومن أي موضع لقط الحصى أجزأه ذلك، ولا يتعين لقطة من مزدلفة، بل يجوز لقطة من منى.، الطواف بقبة الصخرة تشبها بالطواف بالكعبة.
وفي الكتاب يتبين عمق الشيخ ناصر الدين الألباني وسعة اطلاعه في علم الحديث النبوي الشريف - ولا عجب فهو حامل لواء السنة المطهرة في هذا العصر - ومن المآخذ القليلة جداً على الشيخ تبنيه لبعض الآراء الفقهية المرجوحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق