الثلاثاء، 1 يونيو 2010

قل هو من عند أنفسكم

( قل هو من عند أنفسكم )

سنن الله تجري على المسلمين وغير المسلمين ( فلن تجد لسنة الله تبديلاً، ولن تجد لسنة الله تحويلاً ).

والمشكلة الكبرى تبدأ من الداخل؛ فسبب مرض الجسم هو انهيار الجهاز المناعي فيه وليس الجراثيم الواردة إليه، وكذلك الدول تنهار من الداخل فيكون التآكل والضعف أكثر من العدوان الخارجي؛ والجراثيم والعدو إنما هما القشة التي قصمت ظهر البعير ودابة الأرض التي أكلت عصا سليمان عليه السلام.

والجماعات والأحزاب الإسلامية في العالم العربي والإسلامي قامت بدور مشكور مشهود في تكوين قاعدة شعبية متدينة، فهي جماعات تربوية لكنها في دخولها المجال العام السياسي والفكري والإعلامي لم تحقق النجاح الذي حققته في المجال التربوي، فقد خرج بعضها باجتهادات مضحكة بل كارثية في الواقع العام مثل المواجهة العسكرية مع الحكومات !! فصار ما يبنى خلال عشرات الأ عوام يهدم في سنوات قليلة. ثم تبدأ جماعات أخرى من الصفر وهكذا دواليك.

و من الاقتراحات للحل أن تكتفي هذه الجماعات بالدور التربوي؛ وتحيل المجالات الأخرى إلى المتخصصين منها ومن خارجها من علماء الشريعة والإدارة والاجتماع والسياسة و الإعلام والاقتصاد.. وألا تتحول هذه الجماعات من الدعوة إلى الإسلام إلى الدعوة إلى نفسها أو رؤسائها أو رموزها فبدلاً من أن تكون جماعات دعوية تتحول إلى أحزاب ديدنها الدعوة إلى تقليد الجماعة أو الحزب أو الفرد حتى أصبح التقليد الحركي عند بعضها أسوأ من التقليد المذهبي الفقهي الذي تتغنى بذمه.

ويصعب على بعض هذه الجماعات أن تتحول من رأي واجتهاد أقامت عليه عقوداً إلى رأي آخر يحمله جماعة أو فرد منافس لها، ويقال لهذه الجماعات ( لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس أن ترجع إلى الحق ) وأحسن هذه الجماعات من يتحول إلى الاجتهاد الآخر ويبرر هذا التحول بمختلف المبررات القوي منها والضعيف.

وتمارس بعض هذه الجماعات الكبت الحركي والحزبي الذي قد يكون أسوأ من الكبت السياسي - الذي تنتقده هذه الجماعات على حكوماتها وتعيشه معظم دول العالم الثالث، ولعل المرض انتقل من الظالم إلى المظلوم !

ومن الأمثلة القريبة على هذه القاعدة القرآنية ( قل هو من عند أنفسكم ) تفسير الأحداث التالية:

- سقوط طالبان: الأمية والبدائية السياسية.

- سقوط صدام وتورط أمريكا بالعراق: ( وخاب كل جبار عنيد ) لاحظ أن الآية تنطبق على أمريكا وصدام في الوقت نفسه.

- إغلاق مؤسسة الحرمين الخيرية: الفوضى الإدارية ومركزية الإدارة.

- المجاعات: الذنوب والمعاصي والتقصير في طلب الرزق.

- قمع الحركات الإسلامية: بعضه يكون بسبب بعض المتهورين الذين يحملون الأفكار المتطرفة ويقومون بالمواجهات الطائشة، ويجب على هذه الحركات أن تعلن صراحة رفضها لهذه الأفكار ولأولئك الأفراد ولتلك الأفعال.

ولعل من أهم ما يعتنى به للخروج من أزمة العمل الإسلامي المعاصر:

- الصدق والإخلاص والتجرد لله للوصول إلى قريب مما وصل إليه الصحابة حيث (خرج حظ نفوسهم من نفوسهم).

- الإدارة.

- تجنب المواجهات؛ وفتح نوافذ الحوار والتفاهم مع الحكومات والهيئات الدينية والطوائف الإسلامية ومع غير المسلمين ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ).

- التحرك في المجال المتاح؛ ومالا يدرك كله لا يترك كله.

- معايشة الواقع والتطلع للمستقبل وتناسي الماضي بسيئاته كالسجون والتعذيب وتاريخ بعض الجماعات الإسلامية في الدول العربية وما تبع ذلك من العيش في نفق السرية والتفكير التآمري والمثالية....

- ينبغي ألا يتحول النقد إلى تجريح وتشف وتسفيه وشتائم؛ فثقافة الجدل بالحسنى والحوار وآدابه مطلب أساس لنهضة الأمة0

الحياة ـ عدد 15608 - 25/ 11 /1426 هـ

الدعوة ـ عدد 2027 - 26/12/ 1426 هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق