خير جليس
الكتاب: جدد حياتك
المؤلف : محمد
الغزالي
الناشر: دار القلم
ببيروت
بعد أن انتهى المؤلف
من قراءة كتاب " دع القلق وابدأ الحياة " للكاتب الأمريكي ديل كارنيجي الذي عربه الأستاذ عبد المنعم الزيادي، عزم من
فوره على أن يرد الكتاب إلى أصوله العربية !
لا لأن الكاتب الذكي
نقل شيئا عن ديننا ،بل لأن الخلاصات التي أثبتها بعد استقراء جيد لأقوال الفلاسفة
والمربين، وأحوال الخاصة والعامة تتفق من وجوه لا حصر لها مع الآيات الثابتة في
قرآننا الكريم والأحاديث الشريفة المأثورة عن نبينا صلى الله عليه وسلم .
ويقول الأستاذ محمد
الغزالي ( إن المؤلف لا يعرف الإسلام ولو عرفه لنقل منه دلائل تشهد للحقائق التي
قررها أضعاف ما نقل من أي مصدر آخر.
إن الفطرة السليمة
سجلت وصاياها في هذا الكتاب، بعد تجارب واختبارات ،وما انتهت من تسجيله جاء صورة
أخرى للحٍكم التي جرت على لسان النبي العربي محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام
منذ قرون.
وخطة المؤلف في كتابه
هي عرض الإسلام نفسه في حشدين متمايزين : الأول
من نصوصه نفسها ، والآخر من النقول التي تظاهرها في كتابات وتجارب وشواهد
الكاتب الأمريكي " ديل كارينجي".
وبهذا ينقل الغزالي ذلك الكتاب من الجو
الأمريكي البحت إلى الجو الإسلامي الصافي .
ويؤكد المؤلف في
كتابه على أن تجدد الحياة ينبع قبل كل شيء من داخل النفس، والرجل المقبل على
الدنيا بعزيمة وبصبر لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت ولا تصرفه وفق هواها،
إنه هو الذي يستفيد منها ، وبقواه الكامنة، وملكاته المدفونة فيه، والفرص المحدودة
، أو التافهة المتاحة له يستطيع أن يبني حياته من جديد!.
ثم ينصح الكاتب قارئه
بأن يعيش في حدود يومه، وألا ينوء في حاضره بأعباء مستقبله الطويل ويذكره بقول
الله تعالى : " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " وبحديث الرسول صلى
الله عليه وسلم : من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما
حيزت له الدنيا بحذافيرها ". ثم يعيش مع القراء في جولة خفيفة بين نصوص
الكتاب والسنة ومقتطفات التراث يتلمس فيها علاجا لمشكلاتهم النفسية كالفراغ
والقلق، والبكاء على ما فات، ومواجهة النقد من الآخرين،ويحضهم على محاسبة أنفسهم
،والأناة والثبات، والفهم الإيجابي لمسألة القضاء والقدر وألا ينتظروا الشكر من
أحد غير الله، ولا يدعوا التوافه تتغلب على أمورهم، ويذكرهم بأن حياتهم من صنع
أفكارهم، ويحث القارئ على أن يصنع من
الليمونة المالحة شرابا حلوا.
وقد جمع بعض الفضلاء مقتبسات من كتابات السلف في
هذا الموضوع كابن تيميه وابن القيم والسيوطي وابن حجر والسعدي رحمهم الله وذلك في
كتاب "الهداية لأسباب السعادة".
ومن آخر ماصدر في هذا الموضوع كتاب "عش هانئاً " للدكتور عبد
الكريم بكار .
وذكر
هؤلاء جميعاً أسباباً وطرقاً معدودة للسعادة أهمها التوحيد والإيمان والعمل الصالح،
الاهتمام بالحاضر وترك التفكير بالمستقبل، طلب العلم الشرعي " علوم القرآن
والسنة "، الإحسان إلى الآخرين، دوام ذكر الله، ترك فضول الأكل والنوم
والكلام والنظر والاستماع والمخالطة، مقابلة الإساءة بالإحسان، الاشتغال بعلم أو
عمل نافع، التحدث بنعم الله، النظر إلى من هو أسفل منه في متع الحياة، عدم طلب
الشكر إلا من الله، السعي إلى إزالة أسباب الهم، الدعاء، تقدير أسوأ الاحتمالات
التي تنتهي إليها الأمور، التوكل على الله، الشجاعة وقوة القلب. وملخص ما سبق
موجود في قوله عز وجل" الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله
تطمئن القلوب ".
سطور من الكتاب:
يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله :
من
المؤسف أن بعض الناس يقع على السيئة في سلوك شخص ما فيقيم الدنيا ويقعدها من
أجلها، ثم يعمَى أو يتعامى عما تمتلئ به حياة هذا الشخص من أفعال حِسان وشمائل
كرام.والنظر الذي يثبت على الصغائر لا يعدوها ولا يعتذر عنها بما يجاورها من خير
وكمال هو نظر جائر.وقلّما يقود صاحبه إلى راحة.إنَّ الله عز وجل يتجاوز عن التوافه
ويغتفر اللمم لكل مؤمن ينشد الكمال ويصبغ به عمله على قدر استطاعته، قال عز وجل: ] إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ
عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً [.وجميل في أجزية الله للناس أن يترك لهم
فلتات الطباع وزلات الأقدام.وجميل من الناس أن يعاشر بعضهم بعضاً على هذه القاعدة
من السماحة، وفي ذلك قال الشاعر:
إذا كنتَ في كل
الأمور معاتباً
|
|
صديقَك لم تَلْقَ
الذي لا تعاتبه
|
فَعِشْ واحداً أو
صِلْ أخاكَ فإنَّه
|
|
مُقارفُ ذَنبٍ
مرَّة ومُجانبه
|
إذا أنتَ لم تشرب
مِراراً على القَذَى
|
|
ظمئتَ وأيُّ الناس
تصفو مشاربه
|
ومن ذا الذي تُرضَى
سجاياه كلُّها
|
|
كفى المرءَ نُبْلاً
أن تُعَدّ معايبه
|
وهذه القاعدة إذا حسن تطبيقها فيما بين الأصحاب من أواصر، وما يعرض
لعلاقاتهم من هِزَّات، فهي بين الزوجين ألزم، وللسيطرة على حياتهم أحبُّ وأحكم.
فإن ضاق الزوج بغلطة من امرأته تذَّكر أنَّ لها صواباً.
وإلى ذلك يشير رسول الله × بقوله: «لا يَفْرِكْ- لا يكره – مؤمن
مؤمنةً، إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق