الأحد، 20 مايو 2018

سياحة في كتاب: مجالس شهر رمضان لابن عثيمين


سياحة في كتاب: مجالس شهر رمضان لابن عثيمين
({شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} البقرة185 موسم من مواسم الإيمان يتكرر كل عام ينهل منه الصالحون ويتوب فيه المذنبون وتقيد فيه الشياطين ويكثر فيه الواعظون. في هذا الشهر تصفو النفوس وتهفو الأفئدة إلى بارئها. وترق القلوب وتذرف الدموع. وفي هذا الشهر تستعد أجهزة الاستقبال عند المؤمن لتلاوة القرآن الكريم والقيام والصيام وسماع الذكر والمواعظ. وفي هذا الشهر يلتزم أئمة المساجد بالقراءة من كتاب وعظي كل يوم يعلّمون الناس أحكام دينهم وفرائض شهرهم يذكرونهم بالآخرة ويزهدونهم في الدنيا. وفي كثير من الأحيان لا يقع في أيدي الأئمة كتاب إلا وفيه الغث والسمين فيه المواعظ الكريمة مع الأحاديث الموضوعة. والحكايات المختلقة، والأساطير والمقامات والغلو في الزهد والعبادة بشكل يخالف توجيهات الشرع. من أجل هذا قام فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بتصنيف هذا الكتاب يتألف الكتاب من حوالي مائتين وخمسين صفحة من القطع المتوسط رتبه على ثلاثين مجلسا كل مجلس يصلح موعظة كاملة ليوم واحد؛ حيث يشمل ما يقرب من سبع صفحات. تناول المؤلف أحكام رمضان وما يتعلق به في أسلوب خطابي مؤثر واستفاد من كتاب قرة العيون المبصرة بتلخيص كتاب التبصرة في الخطب (أي المقدمات: الحمد الله.. والصلاة على رسوله..) التي يبدأ بها كل مجلس حيث يمكن للقارئ ألا يقرأ خطبة المجلس بل يبدأ في الموضوع مباشرة من قول المؤلف: إخواني.. إلى نهاية الفصل. تناول المؤلف الموضوعات التالية: فضل الشهر وصيامه وقيامه وأحوال الناس فيه وأحكام الصيام الواجبة والمستحبة ومفطراته وفضل تلاوة القرآن الكريم وآدابها وأنواعها وفضل الزكاة وأهلها وزكاة الفطر وماذا بعد رمضان؟! كما تعرض للغزوات النبوية في رمضان بدر وفتح مكة وأسباب النصر الحقيقة. ثم ذكر وصف الجنة وأهلها جعلنا الله منهم، ووصف النار وأهلها أعاذنا الله منها، والتوبة. من الأحكام التي ذكرها: لا يفطر الصائم بالكحل والدواء في عينه ولو وجد طعمه في حلقة.. ولا يفطر بتقطير دواء في أذنه أيضا، ولا بوضع دواء في جرح ولو وجد طعم الدواء في حلقة. من آداب الصيام الواجبة: أن يقوم الصائم بما أوجب الله عليه من العبادات القولية والفعلية؛ من وأهمها الصلاة المفروضة التي هي ثانية أركان الإسلام بعد الشهادتين فتجب مراعاتها بالمحافظة عليها والقيام بأركانها وواجباتها وشروطها فيؤديها في وقتها مع الجماعة في المساجد، فإن ذلك من التقوى التي من أجلها شرع الصيام وفرض على الأمة، وإضاعة الصلاة مناف للتقوى وموجب للعقوبة. ولا شك أن المكتبة الإسلامية لا تزال تفتقر كثيراً إلى كتب الوعظ والإرشاد المخدومة خدمة علمية كافية والتي تعالج أبواباً شتى، حتى يتمكن الواعظ من اختيار ما يتناسب مع حال الناس منها، رحم الله الشيخ وجزاه خيرا على كتابه القيم. يوجد في السوق، وبين أيدي الناس، الكثير من كتب الوعظ التي فيها بعض المخالفات الشرعية، أو الأخطاء العلمية، أو المبالغات والتهاويل غير المقبولة، حبذا لو روجعت هذه الأعمال من قبل بعض أهل العلم ونبه على أخطاء بعضها، وحذر مما كثر غلطه. وقد طبع هذا الكتاب القيم مرات كثيرة ما بين طبعات تجارية وخيرية، الجدير بالذكر أن للمؤلف رحمه الله مطوية مختصرة ومفيدة ومركزة عنوانها: (نبذ في الصيام وزكاة الفطر). وهي مطبوعة ومترجمة للغة الانجليزية، يستطيع الإنسان قرائتها في دقائق معدودة، وهي على صغر حجمها حوت كثيراً من الأحكام التي تمس الحاجة إليها. أبيات من الكتاب: يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجبِ حتى عصى ربه في شهر شعبان لقد أظلك شهر الصوم بعدهما فلا تُصَيره أيضاً شهر عصيان واتل القران وسبح فيه مجتهداً فإنه شهر تسبيح وقرْآنِ كم كنت تعرف ممن صام في سلف من بين أهل وجيران وإخوان أفناهم الموت واستبقاك بعدهمُ حيا فما أقرب القاصي من الداني مقطع من الكتاب: يقول المؤلف –رحمه الله –: والآيات في وصف الجنة ونعيمها وسرورها وأنسها وحبورها كثيرة جداً. وأما الأحاديث: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلنا: يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها قال: "لبنة ذهب ولبنة فضة، وملاطها المسك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه “رواه أحمد والترمذي. وعن عتبة بن غزوان رضي الله عنه: أنه خطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أما بعد، فإن الدنيا قد آذنت بِصُرم، وولّت حذّاء، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يصطبها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا بخير ما يحضُرنَّكم، ولقد ذكر لنا أن مصراعين من مصاريع الجنة بينهما مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام". رواه مسلم. وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في الجنة ثمانية أبواب، فيها باب يُسَمَّى: الريان، لا يدخله إلا الصائمون" متفق عليه. وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا هل مُشَمِّر إلى الجنة ؟، فإن الجنة لا خطر لها *، هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطّرد، وثمرة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، ومقام في أبدٍ في دارٍ سليمة وفاكهة وخضرة، وحبرة ونعمة، في محلة عالية بهية" قالوا: يا رسول الله نحن المشمِّرون لها، قال: "قولوا: إن شاء الله" فقال القوم: إن شاء الله. رواه ابن ماجه والبيهقي وابن حبان في صحيحه. * أي: لا مثل لها ولا عديل. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة مئة درجة، أعدّها الله للمجاهدين في سبيله، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تَفَجَّر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن" رواه البخاري. وله عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم" قالوا: يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال: "بلى، والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين". وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة غرفاً يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلّى بالليل والناس نيام" أخرجه الطبراني. وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها في السماء ستون ميلاً، للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم فلا يَرى بعضهم بعضاً"، متفق عليه. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد نجم في السماء إضاءة، ثم هم بعد ذلك منازل، لا يتغوطون، ولا يبولون، ولا يمتخطون، ولا يبصقون، أمشاطهم الذهب، ومجامرهم الأُلوة، ورشحهم المسك، أخلاقهم على خَلْقِ رجل واحد، على طول أبيهم آدم ستون ذراعاً “وفي رواية: "لا اختلاف بينهم، ولا تباغض، قلوبهم على قلب واحد، يسبحون الله بكرةً وعشياً" وفي رواية: "وأزواجهم الحور العين". وله من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون، ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون" قالوا: فما بال الطعام ؟، قال: "جُشَاءٌ ورشحٌ كرشح المسك، يُلهمون التسبيح والتحميد كما يُلهمون النَّفَس". وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفس محمد بيده إن أحدهم [يعني: أهل الجنة] ليعطي قوة مئة رجل في الأكل والشرب والجماع والشهوة، تكون حاجة أحدهم رشحاً يفيض من جلودهم كرشح المسك فيضمر بطنه" أخرجه أحمد والنسائي بإسناد صحيح. وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقاب قوس أحدكم أو موضع قدم في الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة أطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحاً، ولنصيفها [يعني: الخمار] خير من الدنيا وما فيها" متفق عليه، واللفظ للبخاري. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة لسوقاً يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال فتحثوا في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسناً وجمالاً فيرجعون إلى أهليهم فيقولون لهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً" رواه مسلم. وله عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي منادٍ: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً. وذلك قول الله عز وجل: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}". وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وأقرأوا إن شئتم: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}". وعن صهيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى منادٍ: يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه. فيقولون: ما هو ؟، ألم يُثَقِّل موازيننا، ويُبَيِّض وجوهنا، ويُدخلنا الجنة، ويُزحزحنا عن النار ؟، قال: فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر إليه، ولا أقرّ لأعينهم منه" رواه مسلم. وله من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "أن الله يقول لأهل الجنة: أُحِلُّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً". اللهم ارزقنا الخلد في جنانك، وأحل علينا فيها رضوانك، وارزقنا لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك من غير ضرّاء مضرّة، ولا فتنة مضلّة. اللهم صلّ وسلّم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. إعداد: عبد الله بن محمد الوهيبي صحفي ومدوّن كلية الآداب abdmodw@gmail.COM البريد الإلكتروني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق