الاثنين، 7 مارس 2016

كتب مرشحة للقراءة : عرض وتلخيص


المدخل في الاتصال الجماهيري :عصام الموسى

  الكتاب:  المدخل في الاتصال الجماهيري
                    المؤلف:ا لدكتور عصام الموسى
     الناشر : مكتبة الكتاني –  اربد-الأردن
 
كثير من غير المتخصصين في علم الإعلام يودون أن يتعرفوا على هذا العلم وفنونه ووسائله من خلال كتاب واحد متوسط الحجم مع التركيز والوضوح.
وكثير من المتخصصين في الإعلام يودون مثل هذا الكتاب الذي يجمع شتات معلوماتهم المبعثرة بين فنون الإعلام وكتبه وميادينه الكثيرة.
  هذه الأمنية  تحققت  -أو كادت - في كتاب المدخل في الاتصال الجماهيري للدكتور عصام الموسى أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة اليرموك بالأردن.
  والكتاب يقع في ثلاثمائة صفحة موزعة على خمسة عشر فصلاً تتناول تاريخ الاتصال ووسائله وميادينه كما يشتمل الكتاب على الحديث عن نظريات الاتصال و الإعلام ووكالات الأنباء ووظائف الإعلام. ومجالات الاتصال الجماهيري ( الإعلام ) كالرأي العام والإعلان والعلاقات العامة والإعلام التنموي والدعاية وتاريخ الإعلام العربي وواقعه.
 
وقد بذل المؤلف جهداً مشكوراً ومركزاً لإيضاح فلسفة الاتصال و كيفية عمل وسائل الإعلام وكيف تؤثر في الفرد والمجتمع وأجاد المؤلف في هذا حيث عرض لتفسير عملية الاتصال الجماهيري وأبعادها النفسية والاجتماعية في عدة مواضع من الكتاب.
  ويتميز الكتاب بندرة الأخطاء العلمية واللغوية، وإن كان ينقصه جمال الأسلوب وجودة السبك وإشراق العبارة.
   ومن عيوب هذا الكتاب كذلك غلاء سعره !
 
وقبل ذلك وبعده فالكتاب يعد من أنفع الكتب وأهمها في مجال الإعلام النظري؛ حيث يمكن تقسيم دراسة الإعلام إلى مجالين نظري: مثل موضوعات هذا الكتاب، وتطبيقي: مثل الإخراج والتصوير والتحرير الصحفي والإذاعي والتلفزيوني وتقنيات وسائل الإعلام.

        مقاطع  من الكتاب:
يمكن للأخ مخرج البرنامج حذف بعض هذه المقاطع ( وقد رتبتها حسب الجودة في نظري )
  1- (لقد اعترفت النظرية الإعلامية مؤخراً بالدور الحيوي الذي يلعبه الجمهور في العملية الإعلامية. وهذا موقف مغاير للموقف النظري الذي ساد سابقاً. وفيما مضى  في الأربعينيات والخمسينيات على وجه التحديد، ساد الاعتقاد بأن الجمهور يقف عاجزاً أمام قوة الإعلام، والأثر الكبير الذي يحدثه المرسل الإعلامي في المتلقين. لكن مجموعة الأبحاث التي أجريت حول الجمهور، ودوره في العملية الاتصالية، لم تلبث أن كشفت خطل ذلك الاعتقاد. وكانت النتيجة إعادة الاعتبار إلى الجمهور كمشارك أساس ، وعنصر رئيس، لا يجوز إغفال دوره في عملية الاتصال بالجماهير، ولا يجوز التغاضي عن احتياجاته. بل أن الباحثين أطلقوا عليه لقب " الجمهور العنيد " صعب المراس، الذي يملك الخيارات الرئيسة في العملية كلها. وقد مثل هذا الموقف منحى جديداً في التوجه النظري كله ).

   2- تحث المؤلف عن نظريــــات الإعـــــلام في عدة صفحات خلاصتها أن من أبرز نظريات الإعلام المطبقة - على وجه التقريب - في عالمنا الحاضر :
  أ - نظرية السلطة: وهي أن تكون وسائل الإعلام في تصرف وإشراف الحكومة المركزية بالدولة.
  ب - نظرية الحرية : ووسائل الإعلام فيها حرة إلى أكبر درجة ممكنة (الحرية دائماً نسبية).
  جـ - نظرية المسئولية الاجتماعية: وفيها تكون حرية الإعلام في حدود المسئوليات الاجتماعية والسياسية والأمنية للدولة، وهي تطوير للنظرية السابقة.
  وهناك نظريات أخرى لم تذكر هنا لأنها الآن غير موجودة تقريباً مثل: النظرية الشيوعية (السوفيتية) ونظرية المسئولية العالمية.
  ويمكن أن تكون النظرية المطبقة في دولة ما خليطاً من نظريتين أو أكثر ….



3 – ( تبث الإشارات الإذاعية عبر نوعين من الأنظمة: النظام الأول. A.M. أي (Amplitude Modulatio ومعناها، تضمين الذروة، أو الموجة المتوسطة، الذي يبعث بإشاراته إلى الأعلى في الهواء. والنظام الثاني F.M. أي Frequency Modulatio) ومعناها تضمين التردد، الذي يبعث الإشارات على شكل أفقي. والنظام الثاني حديث أدخل للاستعمال بعد الخمسينات من هذا القرن، ويتميز بإمكان استقبال الإشارات نقية خالية من التشويش. غير أن المسافة التي يغطيها هذا البث تكون قصيرة ومحدودة. وبالمقابل، فإن بث النوع الأول A.M. يغطي مسافات شاسعة، غير أنه يكون عرضة للتداخل والتشويش.
وبالإضافة إلى الموجة المتوسطة، تستخدم في الإذاعات الموجتان القصيرة والطويلة، وتستخدم الموجة القصيرة لإرسال الإشارات الإذاعية إلى مسافات بعيدة رغم إمكان تعرضها إلى درجة عالية من التشويش. أما الطويلة فمناسبة لتغطية المسافات القريبة من البث بوضوح.
ومن ناحية أخرى، وبسبب محدودية الموجات التي يمكن استخدامها للإذاعة، يقوم الاتحاد الدولي للإذاعات، والذي تشترك فيه كافة إذاعات العالم، على توزيع الموجات وتنظيم استعمالها بين الدول المختلفة. ويهدف هذا العمل إلى الحد من تشابك الموجات الإذاعية وتداخلها. )

4-( ومن أشهر الطرق المتبعة في كتابة الخبر طريقة الهرم المعكوس أو المقلوب وفي هذه الطريقة يتم تقديم أهم الحقائق التي يتضمنها الخبر في المقدمة بشمولية واختصار. بعد ذلك، يتم تفصيل هذه الحقائق بالترتيب حسب أهميتها، ابتداء بالأهم، ثم المهم، ثم الأقل أهمية. وميزة هذه الطريقة عدم اشتراطها وجود نهاية للخبر مما يتيح الفرصة للمحرر لأن يطيل الخبر، أو يقصره فقط على الحقائق الأساسية التي وردت في الفقرة الأولى، أو الثانية، أو الثالثة حسب الحاجة. )
 ----------------
5_    خلاصة حديث المؤلف حول فوائد وسائل الإعلام ومضارها أن أهم
 (  وظائف الاتصال الجماهيري هي :
* الإعلام.
*التنشئة الاجتماعية.
*الحفز.
 *المناقشة والحوار.
*التعليم.
*التثقيف.
*الترفيه.
*التقارب الاجتماعي.
لكن للإعلام نتائج غير مرغوب فيها: حيث تبدو
وظائف الإعلام، كما عرضناها،  للوهلة الأولى ذات طابع إيجابي بما تحققه من نتائج مرغوب فيها، على الصعيدين الفردي والاجتماعي. لكن بعض علماء الاجتماع يحذرون من النتائج السلبية غير المرغوب فيها والتي قد يتسبب الإعلام في افرازها. ويرى هؤلاء العلماء بأن لكل وظيفة وجها آخر أو نتائج غير مرغوب فيها فالإكثار من الأخبار، مثلا، قد يؤدي إلى زيادة التوتر والقلق ويقود للانطواء والانعزالية والانسحاب من المشاركة في الحياة العامة والتركيز على الحياة الخاصة. كذلك، فإن تحليل الأنباء وتقديم الأجوبة الجاهزة يترك المرء في وضع يعتمد فيه على هذه الوسائل،
فتضعف ملكة النقد عنده. كذلك، فإن البرامج الترفيهية أيضا قد تقود إلى تثبيط المواهب الفنية والقدرات الخلاقة، فتضعفها إن لم تقتلها كلية. وعلاوة على ما يتسبب به تقديم المعلومات والبرامج الصادرة عن الثقافات الأخرى من اغناء للمعارف، فإنه قد يؤدي من ناحية أخرى، إذا بولغ في استعماله، إلى غزو ثقافي واستلاب فكري. وعموما، فإن محصلة الإفرازات غير المرغوب فيها تقود إلى إيجاد ما يسمى بالتأثير التخديري (narcotization) الذي يعني أن وسائل الإعلام تؤدي إلى زيادة المعرفة عند المتلقين على حساب مشاركتهم الفعلية في الأحداث.
ومن ناحية أخرى، فإن الإعلان في وسائل الإعلام قد يترك تلك الوسائل فريسة للمعلن كي يمارس عليها ضغوطه. ومن المعروف أن ارتباط وسائل الإعلام بمصالح مادية وحيوية، يحول دون تسخير وظائفها لخدمة الصالح العام بإتقان وفعالية. وللتغلب على هذه المشكلة، تلجأ بعض الدول إلى تعيين لجان من مواطنين معروف عنهم صدق الانتماء وسعة الثقافة والبعد عن الهوى والمقدرة. وتكون مهمة هذه اللجان الإشراف على المؤسسات الإعلامية بهدف تأمين استقلاليتها وتحديد سياسة عامة، وتأمين مصادر دخول محايدة – سواء عن طريق الإعلان أو غيره – لتمكينها من القيام بأدوارها في خدمة مصالح شعبها على أكمل وجه.
ويترتب على تقديم الإعلان عامة عبر وسائل الإعلام أيضا نتائج غير مرغوب فيها. فالإعلان يحض الناس ويشجعهم على الصرف وتبذير النقود للحصول على سلع استهلاكية جديدة، ويسهم في خلق مجتمع استهلاكي. إن معالجة المشكلة من أحد جوانبها قد تقتضي توجيه الإعلان لخدمة الاقتصاد المحلي، أو ربما تحديده وترشيده، لحصر أضراره. )


 لقد افترضت نظرية الرصاصة أن المعلومات تسري من وسائل الإعلام مباشرة إلى الجمهور المتلقي، كما فترضت أن وسائل الإعلام أيضا هي الطريقة الوحيدة للوصول إلى الناس وإقناعهم. لذلك كانت النظرة للإعلام في الأربعينات قائمة على أن مفعوله (أي الإعلام) يشبه مفعول رصاصة (أو حقنة) سحرية قادرة على نقل الأفكار والمشاعر والمعرفة بصورة آلية من عقل إلى آخر.
تعاريف الرأي العام السابقة على النحو المبسط التالي: هو الرأي الذي يتبناه مجموع الجمهور الراشد في قطر من الأقطار، أو قطاع كبير منه، إزاء قضية جدلية معاصرة تمس مصالح ذلك الجمهور مسا مباشرا، فيتصلون بشأنها، ويتداولون الآراء ويناقشونها، عبر قنوات الاتصال المختلفة، ويكونون جميعهم أو أغلبهم رأيا حول تلك القضية، يعبرّون عنه بوضوح (سواء بالتأييد أو الرفض أو الحياد).

إن المنظور الجديد في التنمية يتعارض مع ما كان سائدا في السابق من ناحية اشتراط استعمال التكنولوجيا المكلفة وشرائها واستيرادها. ولحسن الحظ، أخذ القائمون على التنمية في الدول النامية يدركون الآن أن تكوين التكنولوجيا المعقدة لا يعني الحل السريع أو البلسم الشافي لتطوير مجتمعاتهم. بل إن استعمال التكنولوجيا التقليدية، أو البسيطة التي يمكن صيانتها بسهولة، قد يكون أفضل بكثير من استعمال التكنولوجيا المعقدة والتي لا يمكن تشغيلها أو صيانتها بسهولة.










حتى يغيروا ما بأنفسهم : جودت سعيد

الكتاب :  حتى  يغيروا  ما بأنفسهم.
             المؤلف :  جودت سعيد.
الناشر:   دار الفكر المعاصر  -بيروت.
   الكتاب دراسة تفصيلية توضيحية عميقة عن هذه السنة الإجتماعية القرآنية الإلهية.
   يحاول فيها المؤلف أن يوضح أن أساس مشكلة تخلف المسلمين هو جهلهم أن مشكلتهم تخضع لقوانين يمكن كشفها وتسخيرها، وأن الدعوات التي تركت أثرها العميق في تاريخ البشرية إنما بدأت تأثيرها على نفس الإنسان وفكره فغيرتهما، وأن هذا التغيير يخضع لقواعد وقوانين هي سنن الله في النفس والمجتمع التي يرتقي المجتمع أو يتخلف بحسبها، وأن تغيير ما بالنفس هي وظيفة الإنسان.
   ويبدأ الكتاب بتقديم موجز للمفكر الإسلامي الكبير مالك بن نَبي - رحمه الله - فيه تلخيص لفكرة الكتاب وثناء عليه وعلى مؤلفه وعمق ثقافته.
   ويقول المؤلف في مدخل الكتاب :
   " في شباب العالم الإسلامي من عندهم استعداد لبذل أنفسهم وأموالهم في سبيل الإسلام، ولكن قل أن تجد فيهم من يتقدم ليبذل سنين من عمره ليقضيها في دراسة جادة، لينضج موضوعاً، أو يصل به إلى تجلية حقيقية، مثلاً كمشكلة الانفصال الذي يعيشه المسلم بين سلوكه وعقيدته، إذ كثير من الأسئلة التي تطرح، ولا جواب شافياً لها، مع أنه لا يمكن التغيير من وضع إلى وضع، إلا بعد إجابة موضوعية عن هذه الأسئلة، ولا يمكن ذلك إلا بعد الدرس والتحصيل.
   والسبب في بطء نمو دراسات من هذا النوع، هو أنه لم تكشف بعد قيمة الدراسة في الوسط الإسلامي، الذي ظل وقتاً طويلاً يرى؛ السيف أصدق أنباء من الكتب، ولم يكن اتجاهه إلى أن الرأي قبل شجاعة الشجعان. "
   ويضيف بعد ذلك  : " أن من الأمور الخفية الجلية معاً، على شباب العالم الإسلامي، خفاء ما يجعل مثل إنتاج، المودودي، وسيد قطب، وإقبال – رحمهم الله - وغيرهم من الكتاب، الذي يوصي المربون بدراسة إنتاجهم الفكري - والتي على أساسها يعرض الإسلام مجدداً - ما جعل هذا الإنتاج ، ينال هذه الحظوة والتقدير، هو أن وراء هذا الإنتاج، نوع من الدراسة والإطلاع، الذي تجاوز المصادر التي تعود عليها الموجهون التقليديون، مع ما يصحب هذه الدراسة من السير في الأرض، ورؤية هذا العالم المعاصر الذي نعيش فيه ونتأثر به. وليس الذي جعل إنتاج هؤلاء في هذا المقام، لأنهم كتبوا حاشية، أو تقريراً، أو متناً للفقه التقليدي، وإنما لأنهم طرقوا شيئاً جديداً ، ليس في الأسلوب فقط، بل بما يمس الواقع المتجدد، بل ولأنهم رأوا من آيات الآفاق والأنفس ما شهدت لآيات الكتاب، مما لم يتيسر لغيرهم. "
   ويبين أن  " ما يريد القرآن أن يعلمه للبشر، في تفسير ما يحل بهم، حين يلح في إظهار: أن مرد المشكلة، إلى ما بالنفس، وليس من الظلم الذي يحيق بالإنسان من الخارج، بل، من الظلم الذي ينزله الإنسان بنفسه. وهذا هو لب التاريخ، وسنة الاجتماع، الذي يقرره القرآن، وبإغفاله تظلم الحياة، وتنشأ الفلسفات المتشائمة الخانعة، أو الفلسفات المتسلطة المارقة. "
   وفي الفصل الأول من الكتاب يؤكد المؤلف أن كثيراً من مفاهيم المسلمين عن الإسلام كثير منها ظنون وأوهام؛ ومنها مثلاً مفاهيم التغيير والنهضة حيث يظن كثير من المسلمين أن مجرد انتسابهم للإسلام وقيامهم بالصلاة والصوم مثلاً سيجعلهم قادة العالم، وسيهزم الأمم الكافرة دون الأخذ بالأسباب المادية من القوة والعلم والعمل وغيرها.
   وفي رأي المؤلف أن قول الله تعالى ( حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) سنة دنيوية لا أخروية والمحاسبة في الدنيا جماعية وفي الآخرة فردية.
   ويوضح المؤلف أن في الآية تغييران تغيير الله وتغيير القوم وفيها ترتيب بين حدوث التغييرين فالأول هو ما يقوم به القوم ثم يأتي بعد ذلك تغيير الله سبحانه، والرجاء بأن يُحدث الله التغيير الذي يخصه قبل أن يقوم القوم ( وهم المجتمع والأمة ) بالتغيير الذي خصهم الله به يكون هذا النظر مخالفاً لنص الآية.
   وأن مجال كل من التغييرين تغيير الله وتغيير القوم مجاله ما بأنفس القوم. والنظر إلى المجتمع كفرد يسهل لنافهم التغيير الذي يَحدث فيه.
   وعلينا أن نوقف هذا التيار - الذي يعم مختلف طبقات المجتمع، في التفسير المتناقض لأحداث التاريخ - التيار الذي تبطل معه مسؤولية البشر، أو يجعلها غير بارزة، أو يجعلها مستورة، بينما يبرز الجانب الذي يخص الله:
" وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " .
   وينقل الأستاذ جودت سعيد عن ابن خلدون - رحمه الله - حقيقة علم التاريخ وغايته ما خلاصته:
   " فإن التاريخ في ظاهره، لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول … وفي باطنه نظر وتحقيق، وتعليل للكائنات ومباديها دقيق … وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يعد في علومها وخليق ".
   ويضيف ابن خلدون في عبقرية نفاذة عن المؤرخين واستيعابهم للأخبار وجمعهم لها بقوله:
   " وأدوها إلينا كما سمعوها، ولم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يراعوها فالتحقيق قليل، والتقليد في الآدميين عريق وسليل " .
   ثم يعود الأستاذ جودت للحديث عن الآية موضوع الكتاب فيوضح أن الجانب المهم هو التغيير الذي يقوم به القوم، ويؤكد أن الاهتداء إلى سنن المجتمع هو من الدين بل في القرآن ولا علاقة له بنفي الإيمان بالدين.
   ويضيف بأن سلوك الإنسان تابع  لأفكاره ، وتغيير أفكار الإنسان يتبعه تغيير سلوكه ، وأن أثر ما بالنفس يظهر أثره ولو كان ما بالنفس وهماً؛ فالأوهام المسيطرة على الأفراد والشعوب تنتج أفعالاً خاطئة مضحكة، وكَشْف سنن التعامل مع النفس يجعل تغيير ما بها سهلاً.
   وحذر الكاتب من العقيدة العبثية وبيّن معناها وأخطارها والآفات التي تتولد عنها ؛  كالغفلة والإعراض والتكذيب واتباع الهوى واتباع الآباء واختلاط المبدأ بالأشخاص وفكرة " ما بال القرون الأولى" والناس كلهم هكذا ! وغيرها من الآفات.
   ويوضح في آخر الكتاب أن النضج الفكري يقلل من سيطرة الانفعالات على الإنسان وأن الخلاص من سيطرة الانفعالات   ومن مستغليها إنما يكون بفهم السنن.
   ويبدى المؤلف أسفه من أن موضوع تغيير المجتمعات له مقام العداوة في بحوث هذا العصر.






المفترون ... خطاب التطرف العلماني في الميزان

      الكتاب :
المفترون ...   خطاب التطرف العلماني في الميزان.
      المؤلف : فهمي هويدي.
      الناشر : دار الشروق بالقاهرة.
http://www.4shared.com/audio/xBxp2wmP/__online.html

  الأستاذ فهي هويدي صحفي مخضرم وكاتب إسلامي قدير عرفه القراء كاتباً أسبوعياً وشهرياً في كبرى الصحف والمجلات العربية، وهو صاحب عاطفة دينية صادقة لا تخرجه عن المنهج العلمي الهاديْ في النقاش والحوار، فهو من رموز التيار الديني الفكري المعتدل الذي يحمل هم الوطن والأمة.
  وقد اشتهر هويدي بنقده للتطرف والغلو والعنف باسم الدين، ولكنه تميز عن غيره بأنه لم يكتف بذلك بل استمر في منهجه في نقد سائر صور التطرف ومنه التطرف العلماني الليبرالي الذي استغل أصحابه أحداث العنف التي مارسها بعض غلاة المتدينين وبدؤوا يصطادون في الماء العكر لينتقلوا من نقد التطرف الديني إلى نقد التدين بل إلى نقد الإسلام نفسه بكل وقاحة وبجاحة، حتى أصبح لدينا خلال العقدين الأخيرين في الإعلام العربي وللأسف لوبي علماني عربي متطرف وميليشيات من المثقفين مهمتهم محاولة قطع الطريق على تقدم المسيرة الإسلامية بمختلف الوسائل المشروعة وغير المشروعة وكونت هذه الكتائب الظالمة معسكر "الضد" الرافض لكل ما هو إسلامي، وهؤلاء الكتاب وأدعياء الثقافة ما هم إلا زوائد سرطانية للصهيونية والاحتلال الغربي العسكري والفكري الجاثم على كثير من بلاد المسلمين.
  والكتاب عبارة عن مقالات كتبها الأستاذ فهمي هويدي في مناسبات متفرقة في مختلف الصحف العربية في نقد الكتابات العلمانية المتطرفة عن الحالة الإسلامية، حتى جعلت هذه الأقلام المسمومة من التيار الإسلامي بل من الدين نفسه فزّاعة لإخافة الحكومات العربية والعالم الغربي، وصار تحريض الأنظمة على هذا التيار مادة إعلامية يومية في الصحافة العربية المختطفة في غالبها من التيار الليبرالي المتطرف.


  ويؤكد المؤلف في المقدمة على أهمية التفرقة بين النقد الموضوعي للحالة الإسلامية الذي ينبغي أن يرحب به وأن تتسع الصدور له، وبين الافتراء الذي هو بمثابة تطاول على ثوابت الأمة والمقومات الأساسية للمجتمع؛ والفرق بين الاثنين هو بالضبط الفرق بين الحوار والسب الأول موقف إيجابي أياً كان اتجاهه والآخر مسلك سلبي بكل المقاييس.
  وفي بداية الكتاب إعادة للتأكيد على أننا لا ندافع عن حماقات أو إساءات يمارسها بعض العاملين تحت راية الإسلام، بل ندينها قبل غيرنا من موقع الالتزام بتعاليم الإسلام بهدف ترشيد المسيرة وتصحيحها، وليس بغرض اغتيال الأمل الإسلامي، الذي فيه خلاص الأمة في الدنيا والآخرة.
  ويوضح هويدي أن مصطلح "الإسلاميين" معروف منذ القرن الرابع الهجري أطلقه الأشعري المعتزلي على كتابه الشهير "مقالات الإسلاميين" وموضوعه عرض لأفكار الفرق المختلفة التي شهدها زمانه، ثم صارت بعد ذلك تطلق على كل مسلم تجاوز حدود تدينه الشخصي، وشارك في العمل العام؛ ولم يقل أحد إنها تعني أي تفضيل لأحد على آخر في التدين، ولكن التفاضل منصب على الهمة وليس بأي حال على الملة.
  كما نبه المؤلف إلى ضرورة الحذر من التورط في تجريح التدين والتهوين من شأنه، في خضم الحملة على التطرف، ويكرر في كتابه هذا وفي سائر كتبه إلى أهمية ترشيد التدين بدلاً من تجفيف منابعه فيقول:
  إن الحصانة الحقيقية ضد الفكر المتطرف أو المنحرف تتوفر بترشيد الثقافة الدينية، وليس باستبعادها أو إضعافها. ومراراً قلنا إن المعركة ضد التطرف تحسم ليس فقط بالاستغراق في ملاحقة التطرف، ولكن أيضاً بإذكاء الاعتدال ودفع مسيرته وتعزيز مواقعه.
  ومخطئ ومغالط من يظن أن التدين لا ينتج إلا إفرازات سلبية تلحق الضرر بالمجتمع وبتطلعه إلى التقدم. وفي ذات الوقت فإننا لا نستطيع أن نقطع بأن مثل تلك السلبيات مقطوعة الصلة بالتدين. وغاية ما نقوله في هذا الصدد إن التدين طاقة هائلة، يمكن أن تستخدم في إطلاق طاقة التقدم والنهضة، ويمكن أن تستخدم في إثارة الناس وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في المجتمعات. تماماً كالذرة، التي قد توظف في التدمير كما قد توظف في العلاج والإحياء. ومن ثم فإنها قد تكون سبيلاً للموت تارة وللحياة تارة أخرى.وعلى المجتمع وأولي الأمر فيه أن يقرروا على أي وجه، يريدون توظيف تلك الطاقة الجبارة؟
  التدين ينطبق عليه الكلام ذاته، فهو قد يوظف ضد المجتمع، إذا ما فشل المجتمع في الاستفادة من طاقته الضخمة. وعجز عن أن يستثمر تلك الطاقة في إطلاق شرارة التقدم والإبداع.
  لقد خرجت محاكم التفتيش من عباءة المسيحية، التي تعايشت لاحقاً مع الديمقراطية. والإسلام صنع النهضة، وفي وجوده حدث الانهيار والانحطاط. وفي كل من تلك الحالات فإن المشكلة لم تكن في النص أو القيمة الدينية، ولكنها كانت دائماً في الكيفية التي وظفت بها القيمة، إيجاباً كانت أو سلباً.
  ويبدي الكاتب أسفه من أن الأغلبية التي تعارض التطرف حقاً تعاني منه، ويبين أنه كان من الذين يعتبرون الإسلاميين مصابين بحساسية ملحوظة تجاه النقد، وإن صدورهم لا تتسع للحوار بالقدر الذي يعبر عن الالتزام الإسلامي الصحيح، لكنه أعذر الغاضبين والمستفزين منهم عندما تجمعت لديه كمية ضخمة من كتابات ذلك الفريق من العلمانيين الذين يعتبرهم تنظيماً متطرفاً لا يختلف عن غلوه عن الآخرين؛ إلا في الاتجاه وزاوية الرؤية؛ وبمعنى أنهم تجاوزوا حد الاعتدال في رفض الشريعة والظاهرة الإسلامية في مجموعها، وما عرضه في كتبه ليست سوى نماذج تعرض موقفهم وتكشف أوراقهم.
  ومن وجهة نظر الأستاذ فهمي هويدي فإنه لابد من تجنب الوقوع في محظور التناقض الإسلامي العلماني، وإن التناقض الحقيقي هو بين القوى الوطنية وغير الوطنية وإن من شأن الاستسلام لمنطق التناقض الأول أن يقسم الصف الوطني وينهكه، ومن ثّم يصرفه عن المخاطر التي تتهدد الجميع...
  ثم يعيد التنبيه على أن حديثه عن أسباب التطرف الديني الاجتماعية والفكرية والاقتصادية وغيرها هو تفسير لا تبرير.
 
والقسم الرابع هو آخر أجزاء الكتاب وأجودها حيث يتحدث في أوله عن الندوة التي شارك فيها المؤلف في مدينة لندن عام 1994م (ألف وتسعمائة وأربعة وتسعين للميلاد) ودعا إليها مركز أبحاث الديمقراطية بجامعة ويستمنستر بالتعاون مع منظمة "ليبرتي" المختصة بشؤون الحريات في العالم الإسلامي وعنوانها: انهيار العلمانية والتحدي الإسلامي للغرب، غير أن أوراقها وحواراتها انصبّت حول مراجعة ونقد المشروع العلماني على المستويين الفلسفي والتطبيقي، ثم موقف الإسلام من الفكرة العلمانية، وجميع المشاركين في الندوة من كبار الباحثين الغربيين والعرب كانوا من دعاة إعادة النظر في إفرازات علمنة المجتمع التي أصبحت تؤرّق الضمير الغربي، فحين عزل الدين عن الحياة واعتبر شأناً أخروياً مقطوع الصلة بالواقع؛ عانت المجتمعات من تفسخات وأمراض أصبحت تهدد تماسكها واستقرارها وأصبح التشرد والإيدز وإدمان المخدرات واللقطاء والتحلل الأخلاقي من سمات المجتمعات الغربية المعاصرة، ويوضح الكاتب أن حضور ندوة لندن كانت صدمة له فما بدا لنا أنه مستقر ومحسوم، تبين أنه محل نقد ومراجعة، فضلاً عن أن الذي يقاتل دونه الآن نفر من المثقفين العرب يفقد بريقه وجاذبيته تدريجياً في موطنه، حتى يكاد يتحول إلى "صرعة" عبرت عن مرحلة تاريخية معينة، ولم تعد تناسب الطور الذي أعقبها.
  غير إن تجربة العلمانية العربية ظلت على الدوام نقطة سوداء في السجل العلماني، ليس فقط من زاوية موقفها من الدين، وإنما أيضاً من زاوية موقفها من الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
  أهم إسهام قدم في هذا الصدد، كان ورقة تونسية للأستاذ راشد الغنوشي وخلاصتها أن العلمانية في الغرب حررت العقل من سلطة الدين، وحرت الدين والمجتمع من سلطة الكنيسة، بينما هي في التجربة العربية رهنت الدين والمجتمع والعقل لكنيسة جديدة هي دولة النخبة العلمانية أو ما يمكن تسميته بدولة "الأوتوقراطية العلمانية". من ثم، ففيما بدت العلمانية الغربية لصالح المجتمع وفي خدمته، فإنها في التجربة العربية ظلت على الدوام ضد المجتمع وضد طموح الجماهير وأحلامها.
  وهذه التجربة دليل قوي على أن التلازم بين العلمانية والديمقراطية ليس ضرورياً.
 
وفي مداخلته قال أحد علماء الرياضيات إن العقل النهائي لا يستطيع أن يحل مشاكله بالكامل، وكل الفرضيات التي تتصور أنها نهائية غير كافية. فكلما تصور العقل الإنسان فرضية نهائية، انفتح الباب لفرضيات جديدة لا نهائية، وثبت أن العقل الأول كان ناقصاً. لذلك فإن اللانهائي، الذي هو الغيب في هذه الحالة، يظل ضرورة رياضية وعلمية، فضلاً عن كونه ضرورة إيمانية.
  أما البروفيسور لويس كنتوري الأستاذ بجامعة جورج تاون وأحد الخبراء الأمريكيين في شؤون الشرق الأوسط فقد جاء في ورقته:
  إن الليبراليين من أكثر الناس ضيقاً بالنقد، لاعتقادهم أنهم يملكون الحقيقة والمفتاح السحري للتقدم بعد الذي حققه الغرب من إنجازات على ذلك الصعيد. وقد آن الأوان لفك الارتباط بين المصطلحات الثلاثة: الليبرالية والعلمانية والتقدم.
  ويؤكد المؤلف أن التطرف العلماني فكراً وسلوكاً هو هدية ثمينة لدعاة التطرف، الذين لابد أن يتلقفوه بترحاب شديد لكي يؤكدوا به صحة أدعائهم بجاهلية المجتمع أو انحرافه عن الدين.
  ويدور الحديث في كثير من صفحات الكتاب على رد شبهات أباطيل العلمانيين العرب حول تطبيق الشريعة الإسلامية الذي يدعو إليه التيار الإسلامي حيث إنه من المعلوم أن معظم الدول الإسلامية وللأسف لا تطبق الشريعة وذلك من مخلفات الاستعمار وآثاره.
  ولا غرو فالأستاذ/ فهمي هويدي حامل المشعل في مواجهة هؤلاء العلمانيين الذين يجهلون أو يتجاهلون أن التجارب الإنسانية لا تتكرر ولا تستنسخ وأن لكل بلد وأمة خصوصيتها، وقد بذل جهوداً مشكورة في نقض مشروعهم المستورد، وتصوير معاركهم في محاولة تجريح الحلم الإسلامي واغتيال مشروعه مرة بضرب الشريعة ومرة بالحط من التجربة الإسلامية عبر تاريخها وثالثة بتسفيه الرموز الإسلامية والانتقاص من قدرها.
(وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)


  عرض وتلخيص :

  عبد الله بن محمد الوهيبي
                                                                  صحفي ومدون  سعودي
                                                             جامعة الملك سعود
                             ص . ب [ 5193 ] الرياض [ 11422
]  abdmodw@gmail.COMالبريد الإلكتروني   http://bilahudod.blogspot.comمدونة  
                 هـ مكتب: 4675663   منزل   4400094
  جوال    0554888790
                       فاكس:  4674705    ص 0ب  3 519   الرياض11422


مبادئ علم السياسة : بركات و الروّاف و الحلوة


   الكتاب:   مبادئ علم السياسة
                              المؤلفون:   د. نظام بركات ود. عثمان الروّاف ود. محمد الحلوة
    الناشر :   مكتبة العبيكان – الرياض.



  جاء هذا الكتاب ليساعد على تكوين التصورات الأولى عن علم السياسة وما يحويه من موضوعات متنوعة؛ حيث قُسِّم إلى مقدمة وثلاثة أجزاء الأول الفكر السياسي وكتبه الدكتور نظام بركات، والثاني المؤسسات السياسية وكتبه الدكتور عثمان الرواف، أما الجزء الثالث فهو عن العلاقات الدولية وكتبه الدكتور محمد الحلوة.
  وقد أعد الكتاب لطلاب العلوم السياسية في الوطن العربي، وهو يدرس في قسم العلوم السياسية بجامعة الملك سعود بالرياض. وهو مفيد وواضح للقراء بعامة .
  وقبل الشروع في العرض التفصيلي للكتاب يجدر التنبيه إلى بعض الملحوظات على الكتاب فأولها : غلاء سعره، ثم عدم تجديد الأفكار التي فيه وتجاوزها الزمن فلا زال الكتاب يتحدث عن الحرب الباردة والوفاق والاتحاد السوفيتي والنظريات الاشتراكية والماركسية والحرب العراقية الإيرانية وهي الآن تاريخ بعد أن كانت واقعاً معاشاً؛وهذا حال أكثر الكتب العربية   - وللأسف  - فإن الطبعات التالية غالباً ماهي إلا تصوير للطبعة الأولى، وكذلك فإن الكتاب فيه بعض الأخطاء الطباعية واللغوية.
  وفي المقدمة تحدث المؤلفون عن تعريف علم السياسة، ومناهج البحث فيه ، وتداخله مع علوم أخرى كالاجتماع والاقتصاد والتاريخ وعلم النفس والقانون.
 

 
  ويعرض الدكتور بركات في القسم الأول للفكر السياسي حيث يتحدث عنه في العصور القديمة عند اليونان وأبرز مفكريه وهم سقراط وتلميذه أفلاطون صاحب الجمهورية الفاضلة وتلميذ تلميذه أرسطو الذي قسم الحكومة إلى ثلاث سلطات رئيسة هي : التشريعية والتنفيذية والقضائية، ونادى بنظرية فصل السلطات لتحقيق التوازن داخل الحكومة .
  ثم جاء الفكر السياسي الروماني ليكمل مواطن الضعف في الفكر اليوناني الذي اهتم بالجانب الفكري والنظري  لظاهرة السلطة على حساب الجانب التطبيقي. ثم تكلم المؤلف عن الفكر السياسي المسيحي في العصور الوسطى.
  بعد ذلك تحدث الدكتور بركات عن الفكر السياسي الإسلامي وركّز على نظام الحكم في الإسلام الذي يقوم على أسس ثابتة أهمها السيادة أو الحاكمية لله والعدالة والشورى والمساواة. ثم يتحدث عن اثنين من رموز الفكر السياسي الإسلامي هما الفارابي وابن خلدون وآرائهما السياسية.
   وينتقل بعد ذلك للحديث عن الفكر السياسي في العصور الحديثة التي تبدأ من القرن السادس عشر الميلادي ويَعد ميكا فيللي برغم آرائه المتطرفة مؤسس علم السياسية الحديث ! أما توماس هوبز فهو أعظم كاتب في الفلسفة السياسية  برأي المؤلف، ثم يعرض لجون لوك أول المنادين بالنظم الديمقراطية  والمطالبين بالحد من تدخل الحكومة في حياة الأفراد وحقوقهم الطبيعية، وجان جاك روسو الذي شارك بعض الكتاب والمفكرين الذين ظهروا في فرنسا في تلك الفترة الدعوة للحرية والثورة ضد الطغيان والذين كان لتفاعل آرائهم أكبر الأثر في نشوب الثورة الفرنسية وفي إثراء الفكر السياسي بشكل عام.
  ويختم هذا الجزء بالحديث عن الفكر السياسي المعاصر  الذي تمثل في ثلاث نظريات هي الرأسمالية والاشتراكية والماركسية ، ويعرض لشرح هذه النظريات ومثالبها والانتقادات التي وجهت لها.

  أما القسم الثاني من الكتاب فموضوعه المؤسسات السياسية وكتبه الدكتور عثمان الرواف الذي يوضح أن طالب السياسة المبتدئ يحتاج إلى تكوين فكرة عامة عن مفهوم الدولة وتطورها التاريخي وطبيعتها وأسس تركيبها، فالعناصر الأساسية في الدولة هي الشعب والأرض  والحكومة والسيادة.
  ثم تحدث الرواف عن المنتظم السياسي والتصنيفات المتنوعة له ومنها المنتظمات السياسية الاستبدادية التي تشمل الحكومات الفاشية والنازية والشيوعية والعسكرية، والمنتظمات السياسية الديمقراطية التي تشمل الحكومات الغربية المعاصرة.
  وتطرق إلى لكلام عن المؤسسات الحكومية والانتخابات والهيئات الحكومية الثلاث : التشريعية ووظائفها التشريع والتمثيل والمداولة والإشراف والمراقبة والتحقيق والمحاكمة وتعديل الدستور، أما الهيئة التنفيذية فإن رئيسها هو حاكم الدولة حيث يسيطر  على الأجهزة  العسكرية والدبلوماسية والأمنية والمالية والإدارية ووظائف هذه الهيئة هو تنفيذ القانون وفرض النظام وإدارة الشئون العسكرية والخارجية ومهام التشريع والإدارة العامة، والهيئة القضائية تقوم في الفصل في منازعات الأفراد وتطبيق القانون وحماية الفرد وحقوقه من استبداد الحكومة والمراجعة القضائية والحكم على دستورية القوانين والأنظمة.
  ثم ختم المؤلف بالحديث عن وسائل الممارسة السياسية للأفراد وتشمل الأحزاب السياسية وجماعات المصالح والرأي العام، ومن أهداف الحزب السياسي السعي للسيطرة على الحكومة أو المشاركة فيها، ثم عدّد أنواع هذه الأحزاب والتصنيفات المتنوعة لها، وتختلف جماعات المصالح عن الأحزاب بأن الأولى لا تحاول الوصول إلى السلطة وأن اهتماماتها أضيق وأكثر تحديداً من الأحزاب ومن أمثلة هذه الجماعات نقابات العمال والأطباء والمحامين وجمعيات مكافحة التدخين والخمور، أما الرأي العام المؤثر فهو رأي الصفوة القيادية المسيطرة على مراكز القوى في المجتمع.
  والجزء الثالث والأخير من الكتاب عنوانه العلاقات الدولية تأليف الدكتور محمد بن إبراهيم الحلوة وتحدث فيه عن المجتمع الدولي ولاسيما الحديث والمنتظم الدولي ، وأهم العوامل المؤثرة في المجتمع الدولي المعاصر وهي: الدولة القومية، والأفراد، والتنظيمات الدولية مثل الأمم المتحدة والأوبك، والعوامل عبر القومية  مثل الشركات المتعددة الجنسية، والعوامل فوق القومية  مثل السوق الأوروبية المشتركة، والعوامل دون القومية مثل منظمة التحرير الفلسطينية.
  ثم تطرق للظواهر في المجتمع الدولي المعاصر وهي القومية والإيديولوجية والإمبريالية والحرب الباردة.
  والفصل الثاني من هذا القسم عن السياسية الخارجية وهي القرارات التي تحدد أهداف الدولة الخارجية والأعمال التي تتخذ لتنفيذ تلك القرارات، وسياسات الدول ليست من صنع الدول ذاتها وإنما هي من صنع  أفراد رسميين يمثلون الدولة ويعرفون بصناع القرارات، ويستطرد إلى الحديث عن العوامل المؤثرة في السياسة الخارجية وأهدافها وتحويل الهدف العام للدولة إلى قرار محدد وهو صنع السياسية الخارجية الذي تساهم فيه المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ويختم الكتاب ببحث عن وسائل السياسة الخارجية الفعالة وتشمل : الدبلوماسية والقوات المسلحة والدعاية والأدوات الاقتصادية..
  وخلاصة الكتاب أن السياسة فن الممكن، إذ إن التفكير السياسي يبدأ بوضع التصورات لطبيعة السلطة، ومن ثم تحليل للواقع السياسي وانتقاده، ومحاولة وضع تصورات لما يجب أن تقوم عليه الدولة .
  ولذا جاء هذا الكتاب ليساعد على تكوين التصورات الأولى وما يحويه هذا العلم من موضوعات متنوعة حيث قسم إلى مقدمة وثلاثة أجزاء:
  الفكر السياسي.
  المؤسسات السياسية.
  العلاقات الدولية.
  وبذلك يكون هذا الكتاب ركيزة في بناء المكتبة العربية.



ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين. : أبو الحسن الندوي


الكتاب: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين.
المؤلف : أبو الحسن الندوي
الناشر: دار الكتاب العربي – بيروت


لقد قرأت الكتاب حين ظهرت طبعته الأولى في أقل من يوم وأغرمت به غراما شديدا، حتى لقد كتبت في آخر نسختي وقد فرغت منه" إن قراءة هذا الكتاب فرض على كل مسلم يعمل لإعادة مجد الإسلام".
هكذا يقول الدكتور محمد يوسف موسى في تصديره لهذا الكتاب. ويذكر أن مشكلة العالم الإسلامي اليوم ليست في عدم الدعوة للإسلام بين غير المسلمين ، ولا في اكتساب مسلمين جدد، وإنما في انصراف المسلمين عن الإسلام إلى الغرب بحضارته وقيمه التي يدعو إليها وموازينه التي بها يزن الأمور . ومن ثم صرنا مسلمين بالاسم والولادة والموقع الجغرافي فحسب، وعزفنا عن الإسلام بالفعل ، حتى أصبحنا لا نعرفه في تشريعنا وتقاليدنا التي نأخذ هذه الأيام أنفسنا بها.
ويؤكد الدكتور موسى على رؤية الشاعر محمد إقبال الواعية بأن المسلم لم يخلق ليندفع مع التيار ، ويساير الركب البشري حيث أتجه وسار ،بل خلق ليوجّه العالم والمجتمع والمدنية ويفرض على البشرية اتجاهه ويملي عليها إرادته ، لأنه صاحب الرسالة والعلم واليقين ، ولأنه المسئول عن هذا العالم وسيره واتجاهه ، ليس مقامه مقام التقليد والإتباع بل مقام الإمامة والقيادة والإرشاد والتوجيه ومقام الأمر الناهي، وإذا تنكر له الزمان وعصاه المجتمع وانحرف عن الجادة لا يستسلم ويخضع ويسالم الدهر، بل عليه أن يثور عليه وينازله ويظل في صراع معه وعراك حتى يقضى الله في أمره . إن الخضوع والاستكانة للأحوال العاسرة والأوضاع القاهرة ، والاعتذار بالقضاء والقدر من شأن الضعفاء والأقزام أما المؤمن القوي فهو بنفسه قضاء الله الغالب وقدره الذي لا يرد.
كما كتب الأستاذ سيد قطب رحمه الله  مقدمة استعرض فيها الكتاب واثنى عليه وقدم الأستاذ أحمد الشرباصي صورة وصفية لمؤلف الكتاب بعنوان : أخي أبو الحسن.
ثم يتحدث الكتاب بأبوابه الخمسة ، فيبدأ برسم صورة صغيرة سريعة واضحة لهذا العالم قبل أن تشرق عليه أنوار الإسلام الأولى في المجتمعات الدينية المحرفة والوثنية حيث تسيطر عليه روح الجاهلية والظلم والعبودية والترف الفاجر والحرمان التاعس، وتغشاه غاشية الكفر والضلال والظلام.
فإذا فرغ المؤلف من رسم هذه الصورة بدأ يعرض دور الإسلام في حياة البشرية.. دورة في تخليص روح البشر من ذلك الواقع التعيس وبناء العالم على أسس من العفة والنظافة والإيجابية والبناء والحرية والتجدد والمعرفة واليقين والثقة والإيمان والعدالة والكرامة، ومن العمل الدائب لتنمية الحياة وترقيتها وإعطاء كل ذي حق حقه فيها.
ثم تجيء الفترة التي فقد فيها الإسلام الزمام بسبب انحطاط المسلمين وتخليهم عن القيادة التي يفرضها عليهم هذا الدين، والوصاية التي يكلفهم بها على البشرية، والتبعات التي ينوطها بهم في كل اتجاه.
وهنا يستعرض الكاتب أسباب هذا الانحطاط الروحية والمادية ويصف ما حل بالمسلمين أنفسهم عندما تخلوا عن مبادئ دينهم، ونكصوا عن تبعاتهم، وما نزل بالعالم كله من فقدانه لهذه القيادة الراشدة ومن انتكاسه إلى الجاهلية الأولى ، ويرسم خط الانحدار الرهيب الذي ترتكس فيه الإنسانية في ذات الوقت الذي تفتح فيه آفاق العلم الباهرة.
ومن خلال هذا الاستعراض ، يحس القارئ بمدى الحاجة البشرية الملحة إلى رد الإنسانية إلى الهدى ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ومن الجاهلية إلى المعرفة وبمدى الخسارة التي حلت بالبشر جميعا لا بالمسلمين وحدهم في الماضي والحاضر والمستقبل القريب والبعيد.
كذلك يثور في نفس المسلم بصفة خاصة روح الندم على ما فرط وروح الاعتزاز بما وهب ، وروح الاستشراف إلى القيادة التي ضيّع.


وقد لفت نظر الأستاذ سيد قطب " رحمه الله" – بعد هذا الاستعراض للكتاب – تعبير المؤلف دائما عن النكسة التي حاقت بالبشرية كلها منذ أن عجز المسلمون عن القيادة بكلمة " الجاهلية" وهو تعبير دقيق الدلالة على فهم المؤلف للفارق بين روح الإسلام وروح المادية القديمة والمعاصرة .. فالجاهلية ليست فترة من الزمن محدودة ولكنها طابع روحي وعقلي معين يبرز حين تسقط القيم الأساسية للحياة البشرية كما أرادها الله وتحل محلها قيم مصطنعة تستند إلى الشهوات الطارئة.
والمؤلف في كتابه هذا لا يعتمد على التعبيرات والجمل النارية، بل على الحقائق الواقعة التي يشرك فيها معه الباحثين والمؤرخين من القدامى والمحدثين الذين يدين بعضهم بغير الإسلام ، فلا شبهة أن يكونوا مغرضين له.
ويضيف الأستاذ سيد بأن الخصيصة البارزة في هذا الكتاب كله هو الفهم العميق لكليات الروح الإسلامية في محيطها الشامل، وهو لهذا لا يعد نموذجا للبحث الديني والاجتماعي فحسب ، بل نموذجا كذلك للتاريخ كما ينبغي أن يكتب من الزاوية الإسلامية.
والكتاب هو أول وأحسن كتب المؤلف الكثيرة، وقد طبع طبعات كثيرة جدا، وترجم إلى عدة لغات عالمية.